أجــيــال- الجالية السودانية بمصر Headline Animator

السبت، 18 يونيو 2011

أول سودانى يصل إلى أمريكا


دوس محمد على
رغم اختلاف حول أول سودانى وصل إلى الأراضى الأمريكية هل هو ساتى ماجد 1904 أو دوس محمد على إلا أنه يبقى موضوعاً شيقاً كون كلاهما خاض مغامرة تستحق أن تعرف وساتى موضوعه منشور فى كتاب للدكتورة رقية أبو شرف أما دوس فلم يتيسر مزيد من المعلومات عنهى سوى أنه كان كاتباً وصحافياً فى 1926 وعمل مساعدا لماركوس كارفي، أبرز القادة السود، في ذلك الوقت، ومؤسس حركة شعبية واسعة تنادي بإقامة "دولة سوداء" في أمريكا.وقد كان لدوس محمد علي تأثير كبير على حركة كارفي.وهو مؤسس الهيئة الإسلامية العالمية في ديترويت، تحت شعار:"إله واحد، هدف واحد، مصير واحد" لكنه سواء كان ساتى أو دوس أول سودانيين وصولوا إلى أمريكا إلا أن الجنود السودانيين قاتلوا فى المكسيك ضمن القوة التى ساعد بها الخديوى اسماعيل الفرنسيين فى حملة عسكرية لهم على المكسيك فى ستينيات القرن التاسع عشر.   


تقديمالسطور التالية هي محاولة تعريف بمن سبق بالهجرة للأراضي الجديدة من أهل السودان، وهي مبنية بالكامل علي بعض ما ورد في كتاب بالإنجليزية للدكتورة رقية مصطفي أبو شرف بعنوان :""Wanderings- Sudanese Migrants and Exiles in North America صدر قبل أربع سنوات من دار جامعة كورنيل في إثيكا و لندن. إعتمدت المؤلفة علي بعض المراجع أهمها هنا أعمال محمد عبد الحميد أحمد و الذي أصدر عملين عن ساتي ماجد في 1978 و 1995.



"One’s destination is never a place, but a new way of seeing things." –- Henry Miller"أنا تب في السفر ما لي رغبة".... من أغاني الريف السوداني (الربوع)رست في أحد أيام 1904 سفينة فرنسية قادمة من إنجلترا علي شاطئ ميناء نيوأورليناز في ولاية لويزيانا الأمريكية،وكان من بين ركابها ساتي ماجد (القاضي سوار الدهب) ...رجل يميزه عن رفقاء رحلته الأوربيين طوله الفارع الذي تخطي الستة أقدام وكذلك شلوخ خديه الرأسية التي تثبت أصله الدنقلاوي. وفي الصورة الباهتة المغبشة التي أخذت له في الميناء – و يبدو أنها الصورة الفوتغرافية الوحيدة المتوفرة له- بدا من نظرات عينيه أنه كان يحدق في آلة التصوير بتصميم و ثقة رجل يقوم برحلة غير إعتيادية. أوليس هو أول سوداني تطأ قدماه أرض امريكا؟ولد ساتي ماجد في قرية "الغدار" من أعمال دنقلا العجوز و هو سليل عائلة كريمة عمل كثير من أفرادها في القضاء والإفتاء. حفظ القرآن وهو صبي في خلوة ود وديدي بقرية رومي المجاورة، و كان قارئا نهما ذكيا لا يشبع من العلم والتعلم. و عن أيام رومي تلك يقول ساتي أنه لم يكن يعرف شيئا في تلك الأيام غير الرمال الساخنة و "بليلتي وعلومي" .بدأ موسم هجرة ساتي ماجد حين أبحر شمالا علي قارب صغير إلي مصر في عام 1895 بقصد الإلتحاق بالأزهر أحد أقدم المعاهد الدينية في العالم. و رغم أنه لم يكمل تعليمه الرسمي هناك، إلا أنه إكتسب معرفة واسعة بالفلسفة الأسلامية و الأخلاق و أشتاتا من علوم الدين و الدنيا. وفي نهايات التسعينات من القرن التاسع عشر أقدم علي خطوة أجرأ، إذ ركب البحر مصوبا نحو بريطانيا. و يقال أن دافعه في ترك مصر و السفر شمالا هو ما سمعه من أخبار مزعجة عن حملة يقودها مبشر طلياني (لم يحدد أسمه) ضد المسلمين في نيويورك قيل أنه شبه الإسلام بالتمساح المتوحش و بأنه دين آكلي لحوم البشر. حركت هذه الأقوال – كما قيلمشاعر ساتي ماجد وعواطفه الدينية و حمسته للهجرة لنيويورك لصد هجمات ذلكم الطلياني المبشر. و قيل أيضا أن سبب هجرته لأمريكا هو رغبته في العمل في مجالات الدعوة و التبشير منذ نشأته الأولي، و بما أنه لم يتحدث الإنجليزية، فلقد إرتأي أن يذهب لأنجلترا أولا لتعلم الإنجليزية من منبعها الأصلي حتي يمكنه تجويد عمله كداعية وأمام ديني للناطقين بغير العربية. يبدو عند التحقيق أن السبب الأخير هو السبب الأكثر ترجيحا لهجرة ساتي لأمريكاعند وصوله لإنجلترا إستضافه رجل دنقلاوي وآخر يمني، و شكل ثلاثتهم "فريق عمل" طاف علي أرجاء الجزيرة البريطانية لتقديم المحاضرات و الندوات الدينية. كان ساتي أكثرهم تأثيرا علي الحضور بصوته الجهير ومقدراته الخطابية و كان يخطب بالعربية مدعما حديثه بالآيات و الأحاديث النبوية بينما يقوم صديقاه بالترجمة إلي الإنجليزية. قضي الرجل أربعة أعوام في بريطانيا صقل خلالها موهبته الخطابية و الدعوية و أجاد خلالها اللغة و كانت سنواته تلك بمثابة "بروفة" لما سيقبل عليه من إقامة طويلة في أمريكاسافر الرجل علي سفينة تعود ملكيتها – كما توضح بطاقة سفره- إليCapagnie Francise de Navigation of the Fabre Line ومن نيو أوليانز شد رحاله إلي نيويورك والتي صرم فيها من عمره ربع قرن كامل و هو يعمل كداعية إسلامي إلي حين غادرها في عام 1929. ليس من المبالغة القول أن مجئ هذا السوداني المتوقد الحماس في بدايات القرن العشرين قد خلف أثرا غير من مجري تاريخ قارتين و أحدث آثارا بقيت إلي اليوم. لقد عمل الرجل ليجعل من الدعوة لدينه عملا قانونيا و مقبولا و مؤسسيا.من علم ذلك الدنقلاوي القروي أن هنالك بلدا أسمها أمريكا يمكن له أن يسافراليها ويعمل كداعية فيها ؟ و كيف تأتي لهالقيام بتلك الرحلة الطويلة وما هو هدفه من ورائها؟كان إنتقال قروى من "الغدارلأمريكا يعد بمثابة حلم خرافي عصي التحقيق. إن رحلة ساتي ماجد الخرافية تلك – رغم أنها قد تعد كغيرها رحلة سوداني (آخر) يهاجر لبلاد بعيدة، إلا إنها – عند التمحيصتعد رحلة إستثنائية خارج مألوف هجرة السودانين السابقة واللاحقة. لقد عرف تاريخيا عن النوبة – الذين ينتمي إليهم ساتي ماجد – شغفهم الجارف بالهجرة والترحال وهم في ذلك يمتازون (و يتمايزون) عن غيرهم من باقي سكان السودان. لقد عرف النوبة بإجادتهم لحرف الصيد و صنع القوارب و السباحة وساهم قربهم من النيل في تنقلهم عبر النيل الهادي إلي مصر و ما بعدهايمكن تتبع قصة ساتي ماجد من مصادر متنوعة في الخرطوم و بروكلين، فللرجل وثائق محفوظة لدي دار الوثائق المركزية بالخرطوم منها ما خطه الرجل بقلمه من مذكرات في الجريدة المصرية "البلاغ" في ثلاثينيات القرن الماضيورسائله لعديد الأشخاص. و تفصح تلك الرسائل عن شخصيته ودوافعه وإختلاطه و تفاعله المركب مع مختلف المجتمعات الأميريكية و المصرية و السودانية التي عاش وسطها. تلقي تلك المصادر الضوء علي عمل ساتي ماجد كداعية وفقيه وعلي الإسلام – عموما- و الصعوبات التي واجهته في بداية القرن العشرين في أمريكا و تبرز أيضا الدور التاريخي الذي لعبه الرجل في أسلمة عدد كبير من الناس خاصة الأمريكيين من أصل أفريقي.تقول د/ رقية أبو شرف أنها علمت الكثير عن حياة ساتي ماجد من ما ذكره لها أحد أعضاء مؤتمر الخريجين و الذي كان قد حظي بسماع سلسلة محاضرات للرجل ألقاها في أخريات الثلاثينات، و كذلك من بعض من بقي من البحارة النوبيين بأمريكا و من الأمريكيين الأفارقة و اليمنين في بروكلين.وطأت قدما ساتي الأراضي الجديدة و هو يحمل حقيبة صغيرة وآمالا كبيرة. عند وصوله لنيويورك قابله خمس رجال من السفارة التركية قاموا بمساعدته علي الإستقرار في بروكلين وسط جماعة من المهاجرين اليمنيين و صار لهم إماما. ركز ساتي جهوده علي أسلمة الأمريكيين من أصل أفريقي و كان يداوم – في ذكاء- علي ربط شرحه للإسلام لهم بالمشاكل الإجتماعية و السياسية التي كانت تجابههم .كان الحديث عن الدار الآخرة و عن نعيمها المقيم الذي يعوض عن حياة الفقر و الإضطهاد يقع موقعا حسنا عند الأمريكيين من أصل أفريقي. ومع مرور السنين كون ساتي له أتباعا و تلاميذ مخلصين إنتشروا في الأراضي الأميركية ظلوا يكاتبونه حتي بعد أن آب إلي مصر ثم السودان.أخذ ساتي ماجد علي عاتقه - إضافة إلي كونه إماما و داعية- أن يقوم بأعمال "مدنية / غير دينية" كممثل لجموعالمسلمين في كل مكان. فلقد ظل يخاطب ساتي جهات عديدة مثل إدارة الهجرة وجهات حكومية أخري والقنصلية البريطانية في نيويورك و التي أرسل إليها خطابا في 4 / 8/ 1921 إنابة عن البحارة اليمنيين الذين كانوا يعملون لسنين عددا علي السفن البريطانية و فقدوا وظائفهم في نيويورك و ظلوا فيها قانعين بحياة فقر ومسغبة، كتب للقنصليةالبريطانية راجيا إياها مد يد العون لهؤلاء البحارة بإعتبارهم من رعايا المملكة المتحدة والتي خدموها – كما قال- "بكل إخلاص و تفان"، و ذكر في خطابه أيضا أنه طلب إلي السيد/ جون رويكفيلر (أحد أقطاب الصناعة الأثرياء) إعانة إولئك البحارة العاطلين عن العمل بيد أن الرجل إعتذر بعدم وجود وظائف شاغرة لديه. أجابته القنصلية البريطانية ببرود معربة عن أسفها لحال أولئك اليمنيين و علي العمل – إن حانت الفرصة- لمساعدة هؤلاء الناس في المستقبل. زادت حماسة ساتي ماجد لمساعدة المحتاجين من السود و الأجانب من إلتفاف العديد من المستضعفين حوله و أطلقوا عليه ألقابا متعددة منها "الأمام" و "المرشد الأعلي" و "الأب" و "شيخ الإسلام". تعدي نطاق عمله مدينة نيويورك فطفق يؤسلم و ينشئ العديد من المنظمات الخيرية و الجمعيات الإجتماعية و دور العبادة في مختلف المدن.صادف وجود ساتي في تلك السنوات بأمريكا ظهور رجل يقال له درو علي (المولود بكارولاينا الشمالية في 1886). كان الرجل قد أنشأ منظمة دينية في عام 1913 في نيوأراك الغرض منها إعادة إكتشاف هوية المجتمعات الأفريقية في أمريكا عن طريق التحول للإسلام. و لم يكن للرجل غير بضاعة قليلة مزجاة من التعليم الديني، بل إن الرجل إدعي أنه عثر علي " النسخة الأصلية المفقودة من القرآن" و أنه آخر الأنبياء (لمزيد من المعلومات عن درو علي أنظر(http://en.wikipedia.org/wiki/Noble_Drew_Aliكان ساتي يري في الرجل – رغم أن له أتباعا كثرا من الأمريكيين من أصل أفريقي- مجرد دعي محتال كاذب، و كان يري فيه منافسا خطرا علي جهوده الدعويه ، و قام بنصحه بأن يهجر ما يدعو إليه و أن يلحق بركبه. رفض درو علي تلك الدعوة مما دعا ساتي للسفر إلي مصر كي يتحصل علي فتوي (رسمية) من الأزهر تكفر درو علي و تكذب ما كان يروج له من أن كتابه المقدس الجديد و دعواه الجديدة تحظي بموافقة علماء الحجاز و الأزهر و المغرب.ساند بعض رجالات الأزهر ساتي في سعيه لتكذيب دعاوي درو علي، بيد أن كبيرهم مصطفي المراغي رفض الخوض في الأمر بحسبان ساتي ماجد ليس من العلماء الأكفياء الذين يمكن أن يقوموا بالعمل الدعوي في بلاد كبيرة عظيمة كأمريكا. يعزو محمد عبد الحميد أحمد موقف شيخ الأزهر إلي التنافس و الحسد المهني (المعتاد)، إذ لم يك للأزهر من مبعوثيين أو دعاة في أمريكا أصلا في ذلك الوقت. لم يمنع ذلك الموقف ساتي من الإستمرار في محاولة الحصول علي فتوي ببطلان نبوءة درو علي و لكنه قرر أخيرا أن يعود أدراجه لأمريكا بيد أنه فشل في ذلك و طالت إقامته بمصر، و لم تنجح محاولات أنصاره من المسلمين في نيويورك في إعادته لهم لعدم حصوله علي تأشيرة الدخول المطلوبة. و يقول البعض أن يد الأزهر قد تكون من بين الأيادي التي ساهمت في منع رجوع ساتي لأمريكا. أجبر ساتي أخيرا للعودة للسودان بعد أن ضاق به الحال في مصر . قدم ساتي عند أوبته لبلاده العديد من المحاضرات في نادي الخريجين في أمدرمان . عاود الرجل أعماله الخيرية في السودان فقام بمساعدة عدد من الدناقلة المهاجرين (داخليا!) في الخرطوم و كون لهم رابطة تجمعهم، بل و أنشأ حي الدناقلة في الخرطوم بحري بعد أن كتب العديد من الخطابات للسلطات البريطانية المختصة في السودان مطالبا بمنحهم الأرض التي أقاموا عليها لاحقا ذلك الحي.توفي ساتي في قريته في الغدار في عام 1963 بعد أن سجل أسمه و إسم السودان في تلك "الأراضي الجديدة البعيدة"............

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق