أجــيــال- الجالية السودانية بمصر Headline Animator

الخميس، 15 سبتمبر 2011

الشاعر محيي الدين فارس...ابن الجالية السودانية بمصر

الشاعر الكبير محيي الدين فارس

رحل الشاعر الكبير محيي الدين فارس عن عالمنا فى يوم الخميس 15 مايو 2008 بعدما عاش الشاعر المرهف معاناة قاسية مع المرض الذى أدي لبتر ساقه ثم امتد لتبتر الثانية، ونعاه اتحاد الكتاب السودانيين ووصفوا عزيمته بأنها لا تلين فلم يعطل مرضه العضال دأبه المعهود على الكتابة الشعرية والنقدية ، وزكى اتحاد الكتاب اسهاماته الباذخة باسم السودان فى المحفل العربي واعتبروه ركيزة ثابتة فى بنيان الأدب السوداني الحديث، شاعر جزل اللغة ، ناصع البيان، وناقداً مستبصراً ،قلَّ أن يجود الزمان بمثله. محيى الدين فارس من الشعراء العرب الكبار المعاصرين، حيث قدم هو وزملاؤه من الشعراء السودانيين الفيتورى وتاج السر الحسن وجيلى عبدالرحمن الذين يعتبرون اضافات جديدة ومبتكرة للقصيدة العربية المعاصرة التى عرفت بقصيدة التفعيلة.

ولد الشاعر الكبير محيى الدين فارس فى أرقو (الحفيرة) بشمال السودان فى عام 1936 وانتقل مع أسرته إلى الإسكندرية بمصر صغيراً ودرس بها الإبتدائية والمتوسطة (الإعدادية) والثانوية ودرس المرحلة الجامعية بالقاهرة فى دار العلوم وزامل كثيراً من الأسماء هناك.

ظهرت موهبة محيي الدين منذ شبابه الباكر و فى مرحلة المدرسة الثانوية أعلن عن نفسه ، وكانت الأجواء العامة والإتجاهات الجديدة فى القصيدة العربية بدأت فى الظهور من حيث الشكل والمضمون عندما انطلقت دعوات الواقعية الإشتراكية فى الأدب العربي وكان شاعرنا محيي الدين فارس أحد فرسان الحلبة ولما انتقلت القصيدة من العمود الشعري التقليدي إلى شعر التفعلية كان محيي الدين من أول المجددين وفي ظل التجديد كان حارساً للعربية فى جزالة المفردات وصحيح اللغة. وكان واحداً ممن وضعوا اقدامهم راسخة فى الشعر العربي.

عاد شاعرنا محيي الدين فارس إلى السودان بعدما عاش وكبر وتعلم فى الأسكندرية والقاهرة ؛ عاد وعمل محاضراً فى "بخت الرضا" ومفتشاً فنياً بالتعليم فى ود مدني، ثم تفرغ للعمل الأدبي وعمل فى القاهرة فى مجلة " العالم العربي"

نشر شاعرنا فى العديد من الصحف والمجلات على امتداد الوطن العربي وشارك فى العديد من المهرجانات المحلية والعربية وصدرت له عدة دواويين ( الطين والأظافر 1956 – نقوش على وجه المفازة 1978 – صهيل النهر – قصائد من الخمسينيات – القنديل المكسور 1997)


يقول فى قصيدته (شيئاً فشيئاً)

جفَّ لحن الحياة في شفتيّا ..
و أراق الشراب من راحتيّا ..
و الرياح الغِضاب تنقضُّ في الليل ..
تصبُّ النواح في مسمعيّا ..
و النواقيس صلصلت
فتهيّأتُ .. و أعددتُ
للرحيل المطيّا ..
أفلتت من يدي نواضر
أيامي .. و مات الربيع
في مقلتيّا ..
كل حيٌّ له زمان فإن ولّي
تلاشى الزمان شيئاً فشيئا ..

كما نقرأ في قصيدته "ليالي المنفي" 

كنا نحدق في فراغات الزمان
وتأكل الصحراء أوجهنا
وتذرونا الرمال.. على الرمال
نجري.. ونقتحم اللظى. ونموت في المنفى
.. تبعثرنا الجبال.. على الجبال
تتقيأ الدنيا أَظِلّتَنا..
فنركض في مناكبها.. هياكل..
ترتقي جبل الهموم.. بلا ظلال
ونخيلنا ما لقَّحته الريح.
ما ألقت جدائله على كتف الجزيره
والنهر مسلول الجوانح. ما به شبق.. ولا زبد
فقد نسيت أواذيه ترانيم (الدميره)
تخبو مصابيح الخيام
تموت ثرثرة النهيرات الصغيره
قابيل ثانيةً يحاول قتل هابيل
فتنتفض القبيلة والعشيره
والنمل يخرج من مغارات الجبال مهاجراً
يعلو.. ويهبط في النتوءات الخطيره
وحدي.. أصد الليل
يُفلت من يدي, ويطل منه الوحش
تزحمني, الأعاصير. المغيره
قابيل ما هشَّت لك الأبوابُ
ما ضحكت لمقدمك المماشي
والممراتُ المضيئه
بيني.. وبينك عالم الظلمات
سبعة أبحر سود ودورات الفصولْ
هدأت طبول الغاب لكنْ في دمي صخب الطبولْ
غاصت عيوني في مغارات الضباب
تغربل الدنيا, وترصد في البعيد مصادم الأشياء..
عند مخاضها.. ومغارب الأضواء في ثبج الأصيل
قابيل ثانية يحاول قتل هابيلٍ..
وقد غنى له الشعراء في عرس الضحايا
أشعل حرائقك اللعينةَ
فالرياح تمد ألسُنها
تسافر باللظى المجنون
تلتهم الضحايا
صدئت هنا الكلمات..
زَيْفٌ أيها الشعراء أضرحةُ العبارات الخُواء
السيل جاء
الموت جاء
هدرت مواويل البحار الهُوج
تقتلع النبات الرخو.. تلتهم الغثاء
يا أيها الموتى زجاج الموت أعينكم
ترى شبح الفناء

فتحتفي بالقادمين على توابيت الدماء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق